
معوقات النهوض الحضاري في العالم العربي - النسخة الورقية
مشكلتنا تكمن في إخفاء الواقع المرير ودفن الرؤوس في الرمال، هروباً من مواجهة الحقائق والمصارحة في تحديد الأسباب وتوصيف العلاج. فالتأجيل هو الأساس، والتسويف هو سيد الموقف، والتجميد هو سيد القرارات، لعلَّ الزمن يحلُّ المشاكل من دون جهد يُبذل، أو لعلَّ عامل الوقت يتكفَّل بدفنها وطيِّها في عالم النسيان!
بل أنّ بعض خبراء هذه الحكومات دأبوا على التشكيك في عالمية الخبرة السياسية الإنسانية، وما أفرزته من صياغة لعلاقة الدولة والمجتمع والفرد المواطن، والدفع بعدم صلاحية المعايير الأممية والشرعة العالمية لحقوق الإنسان للاسترشاد بها في البلدان العربية. وواقع الأمر أنّ فساد مثل هذه النظرة لا يرتبط أساساً بعدم دقة بعض جزئياتها، وإنما بتجاهلها المشترك الإنساني في الخبرات التاريخية المتنوعة ومعايير التقويم الموضوعي للأخيرة، فضلاً عن تناسيها مغزى ما تنطوي عليه تدفقات العولمة في عصرنا الراهن.
إنّ رهان إخراج العالم العربي من أزمته الحالية يتوقف على إعادة قراءة التاريخ قراءة واقعية، بعيدة عن اليأس القاتل والتفاؤل الحالم. هذا هو المسار الأمثل للتغيير.