
اللاءآت الأربعة
هذا الكتاب جزء من معضلة فلسفية تاريخية، كونه يحاول جاهدا أن يضع يده على أسباب الفُرقة بين الناس بُغية الإصلاح، ومهما حاول أن يُقنع الآخرين بذلك، فمحكوم عليه بالفشل، إلا مع فئة واحدة؛ تلك التي أدركت أن الكمال لا يكون إلا لرب الكمال، ومنتهى الجمال لا يتحلى به سوى خالقه، وإرضاء البشر غاية لا تُدرك، وتجاوز الكبر والخيلاء والإعجاب بالنفس ليس بالأمر السهل، ولا حتى على العلماء، وأن الفضيلة تسير جنبا إلى جنب مع الاعتراف بالخطأ، والاعتذار عنه قوة وعظمة، فإن لم تكونوا أعزائي القراء من هذه الفئة لن يُفيدكم النقاش الدائر في هذا الكتاب بشيء.
هذا الكتاب سيتجاوز الحدود المصطنعة، مُبيّنا سبب صناعتها، وسيتحاور مع أشد الناس حرصا على العقيدة (من وجهة نظرهم) وسيناقش أعلام الأمّة من مُفسرين للقرآن الكريم، ومحدّثين لسُنّة سيد المرسلين، وفقهاء بدين رب العالمين، خطوة بخطوة، حتى نتبيّن صواب اللاءات الأربعة من اعوجاجها. الحجة هُنا تقارع الحجة، والدليل يناور الدليل، والنزاهة والاعتدال يُصارعان الغش والانتحال، في رحلة (أظنّها ممتعة) على شوارع الكتب الأصيلة، وساحات المعرفة الرحيبة، وغابات الفتن الوضيعة، ومتاهات الفلسفة المريبة.