عراق + رياضيات = سيرة الأكاديمي منذر الأعظمي

تستعرض هذه السيرة حياة الاكاديمي منذر نعمان الأعظمي الذي شكل شغفه بالعراق والرياضات محورا لحياته. انطلقت رحلته من الأعظمية في بغداد، وغادرها في سن الـ18 نحو روسيا للدراسة، ثم تنقل بين الاتحاد السوفياتي، بريطانيا وتونس التي أحبها لأنها ذكرته بعراق الخمسينات.

في بريطانيا، حقق إنجازات علمية وتربوية بارزة، خاصة في تنمية القدرات الذهنية، وسعى لنقل تجربته الى فلسطين وتونس. إلا أن مواقفه الساسية ـ أبرزها رفض التطبيع مع الاحتلال ـ شكلت عائقا في فلسطين، فيما حد غياب الصبر على النتائج طويلة المدى من نجاح في تونس، في سنواته الأخيرة، انشغل بمشروع تعليمي في جنوب أفريقيا. 

تضم السيرة مقالاته، رسائله اليومية، ومراسلاته الخاصة، وتتناول موضوعات تتراوح بين الخرائط، الجينات، الفلسفة، الدين، علم النفس، التاريخ، حركات التحرر، والنشاط السياسي العالمي. 

سياسا، عارض الأعظمي النظام الدكتاتوري والحصار المفروض على العراق، ورفض التقسيم الطائفي والغزو. كما انتقد مبكراً أخطاء اليسار العربي، مشددا على أهمية التواصل مع التراث والدين عوض القطيعة، ومؤمنا بـ"التطور العضوي" للمجتمع.

السيرة لا تكتفي بالمقالات، بل تقدم مراسلات شخصية تكشف عن أبعاد إنسانية وفكرية، وتوثق حياة مليئة بالعطاء، تعكس إيمانه بأن الكتابة ضرورة وجودية، وأن فهم الذات لا يكتمل إلا عبر الآخر. 

لم يكن منذر قارئا فقط بل كاتبا أيضا، وأعني بذلك، خارج مجال عمله. ترك أكواما من الكتابات (ملاحظات، أفكار، ذكريات، مراجعة كتب، ترجمات) التي تقع ضمن اهتماماته المتنوعة عبر عقود حياته، ومعظمها لم ينشر، وإن قام بتبادل جزء منها مع أفراد عائلته الصغيرة والممتدة وأصدقائه، خاصة حين توفر الكمبيوتر للجميع، وفُتحت بوابة التواصل الاجتماعي، ولم تعد المراسلات تقتصر على القلم والورقة وساعي البريد والاختناق بحدود البلدان. وكان حريصا على تزويدي بنسخة من كل ما يتبادله مع الآخرين، أيا كان، وكأنه أراد أن يوكلني مهمة توثيقها، بعد رحيله.