بعض مظاهر الحماية القانونية للمرأة العاملة في قانون العمل البحريني ج2
لا جرم أن من أهم وأبرز دلائل التحضر والرقي لأي تشريع وضعي تتجلى بوضوح في نظرته العامة والخاصة للمرأة ومدى حرصه الدؤوب ليس فقط على تسويتها بالرجل في المراكز القانونية التي لا تختلف باختلاف النوع أو الجنس ، بل وعلى مراعاة وتقدير تكوينها الفسيولوجي أو ظروفها الاجتماعية بشتى أشكالها وصورها (فالمرأة العزباء ليست كالمتزوجة، والمتزوجة ولديها أولاد ليست كالتي لم ترزق أولاد ، والمرأة التي لديها طفل واحد ليست كالتي لديها طفلان أو أكثر)، فالمرأةُ جزءٌ أصيل في بنيان المجتمع لا ينفك عن باقي أجزاء هذا البنيان داخل المجتمع الذي تعيش فيه ، ويقع على عاتق المجتمع مسئولية التفاعل بصورة إيجابية مع ظروفها الحياتية بكل متغيراتها التي تطرأ عليها، فيهييء لها أسباب الحياة بما ينسجم ويتناغم مع ظروفها وملابسات واقعها ، بل وعلى واضعي القوانين (بوصفهم يمثلون واحدة من أهم السلطات العامة في الدولة ألا وهي السلطة التشريعية) أن يشرعوا من التشريعات والقوانين ما ينسجم مع واقع ظروف المرأة بلا تنكر أو تجاهل غير مبرر لهذه الظروف، هذا إذا كان المجتمع يريد من المرأة أن تكون قسيمة والرجل وشريكته في توزيع ما لهما وما عليهما من حقوق وواجبات تجاه المجتمع الذي يعيشان فيه بصورة عادلة تحقق الإنصاف لهما بالنظر إلى ما تقتضيه بعض ظروفهما الخاصة من أحكام لأيهما دون إفراط أو تفريط، لأن المجتمع الذي يتنكر لأبنائه من الجنسين ذكوراً كانوا أم إناثاً، ولا يقدر ظروف حياتهم ومعطيات واقعهم لهو مجتمع فاشل لا يمكن أن يكتب له على أيدي أبنائه من الجنسين النجاح، كما أن القوانين والتشريعات التي لا تنسجم مع واقع ظروف المرأة والرجل بشتى أشكالها وصورها لهي قوانينٌ جائرةٌ لا يكتب لها عادة النجاح طويلاً، فسرعان ما تحمل بين ثناياها معاول هدمها وأسباب فنائها.