كان بشار بن برد –و لا يزال– عبثاً ثقيلاً على الوجدان الثّقافي العربيّ، فهذا القنّ المولى الضّرير الّذي أثار، في زمانه، من الزّوابع ما حمل الخليفة المهديّ حمّلاً على أن يزجّ به في زمرة الزّنادقة والمبتدعة، ويأمر بجلده حتّى التّلف، لم يدع أهلَ العلم بالشّعر ودرسه يتّفقون إلاّ على الضيق به والإنزعاج منه والحيرة فيه، وآية ذلك أنّه ما من كاتب تجرّد للكتابة عن بشّار، في القديم أو الحديث، إلاّ تنازعته الأهواء وتناهبته الميول واستبدّت به دواعي الإعجاب أو القلق والنّفور