Refer a friend and get % off! They'll get % off too.

اللغةُ الشّعرُ في ديوان أبي تمّام

أن الشعر يسعى، من بين ما يسعى إليه، إلى تحقيق التأثير والانفعال وإيقاع التعجب والاندهاش عندما يُجدد من العالم أخلاقه البوالي ويكشف عن محجوبه ويفتح آفاقا رحبة له. ويتمّ هذا بمجموعة من الانتقاءات على مستويات عدّة.

فعلى مستوى النغم ينتشر الإيقاع في القصيدة القديمة انتشارا كبيرا حتى إن المتن الشعري القديم بأسره أنغام متعاودة ولحون متجاوبة.وإذا كان الإيقاع قد انحصر، أو كاد، لدى كثير من الشعراء القدامى في اتزان الكلام بالأوزان الخليلية فإن المبدعين من كبار الشعراء قد اجتمعوا على إحداث إيقاعات متنوّعة وأنغام ألوان داخل الإيقاعات العامة، وذلك بحذق التصرّف الموقّع للكلام في فضاءات الأبيات بيتا بيتا أو فضاءات الأبيات المتلاحقة.

وعلى مستوى المعجم يختار الشعراء من الكلام سُلافته المخلّصة من شوائب الاستعمال العادي وأقذاء الرتابة وبلادة الآلية، فتتجلّى التسمية متوهّجة من جديد على النحو الذي يشمل به الاسم معظم خصائص المسمّى حتى كأنه هو نفسه يعرضها بالحضور.

وعلى مستوى التراكيب ينتقي الشعراء الأبنية المنزّهة عن التضخّم الفائض عن ورود الأسماء على مقاس المسميات، والمـُخَلّصة من شوائب الهراء والثرثرة وأدران الهذاء. وفي هذا مجال مجال خصب للتصرف في العالم الذي تأهّل مرة باللغة فأصبح بها قيدا من الماضي يكبل الحاضر. في هذا المجال يُصرّف الشعراء قدراتهم المبدعة للإمكان والاحتمال، خاصة وأن الكلام في الشعر مرجع للكلام، وأن ارتباط الأسماء بالأسماء يوطّئ، أحيانا، لزمان الوصل بينها وبين الفعل.

وعلى مستوى المعنى يحمل الشعراءُ إيثارَهم إلى المخلّص من شوائب المبتذل المأنوس والتافه السخيف فيولونه عناية كبيرة خاصة أن مبدعي الأقاويل الشعرية يقصدون إلى أمثلة النماذج وأرواح المعاني ويزهدون في الواقع المحدود بالتجارب الفردية، أو هم يستخلصون من كل ذلك معانيه القصيّة.

هذه الاختيارات توصل، متى أجريت على وجه الإتقان، إلى كلام كثيف يبدو مكتفيا بذاته منغلقا عليها يكاد لا يحيل إلا على نفسه، ولكنه، وهو يتراءى ميّالا إلى الانغلاق، إنما ينفتح على الوجود ويلتقي بالعالم، بل يفتح الأبواب واسعة على إعادة صياغته وخلقه.

You will get a PDF (2MB) file

€ 4.60

4.60

Buy Now

Discount has been applied.

Added to cart
or
Add to Cart
Adding ...