[فضفضة شخصية خاصة]
هذا العام نكسة روحية ومادية في حياتي.
أنا أكثر الناس إيماناً وتفاؤلاً بالحياة، رغم شظف العيش وسوء الحال، لكن من منا لا يلاقي مطبات في حياته توقفه بين الحين والآخر؟.. اعتدتُ أن توقفني الكثير من المطبات، لكن كلها تمضي مع الزمن كأنها لم تكن، وكل هذا بفضل الله الذي تكفَّل بعبيده وبرزقهم.
هذا العام قررت في بدايته أن أكون أقوى، لكن ربما _ كعادتي _ لم أعرف الطريق المناسبة التي من المفترض أن أسلكها، فارتكبتُ الكثير من الأخطاء.
أكبر أخطائي أنني تركت الكتابة.. لأول مرة في حياتي يمضي عام ولا أكتب فيه، ولأول مرة في حياتي أرى معرض الكتاب القادم وليس لي فيه كتاب جديد منشور، أنا الذي منذ أكثر من عشر سنوات أصدر في العام الواحد عملين أو أكثر، كأنني هذا العام لن يكون لي فيه ولا حتى إصدار واحد.. توقفتُ عن الكتابة على أمل أن أحسّن الكثير من وضعي المادي والروحي، على أمل أن أحصل على حقوق لطالما كانت مسلوبة مني.. تركت الكتابة، كسمكة قررت أن تخرج من الماء فجأة وتسبح في الهواء، علَّها تتنفس هواء طلقاً.
لم أمت بالطبع، مررت بالكثير من المطبات؛ أكثر علوًّا هذه المرة، وأكثر أذى، وأكثر مشقة، لكنها _ كما هي العادة _ تحتضنها رحمة الله فتنجلي كأنها لم تكن، تأتي مطبات أخرى، أقوى وأشد وأعتى، ثم تمضي مثل أخواتها.. هناك الكثير من الجروح والكثير من الندوب، لكنني ما زلت واقفا، يد الله تنتشلني وتصنع لي عكازاً أعود به فأنهض.. ينكسر العكاز، لكن غيره يأتيه به الله فأنهض.
بالأمس فتحت الحاسوب، وفي غضون ساعة واحد كتبت قصة خيالية علمية قصيرة للأطفال، ربما لن يُكتب لها أن تُنشر.. ثم لا أدري ما الذي اعتراني، كأن السمكة عادت إلى مائها وبدأت تستنشق بخياشيمها أنقى الأكسجين، وكأنني عدت إلى الحياة، وكأن كل السنة التي مرت بصفعاتها وركلاتها وطعناتها؛ أين هي؟!
كنت أعلم أن الكتابة حياة وأنها الأكسير الذي يحيا به الكاتب، ولكن لم أكن أعلم أن الإجازات منها غير مسموح بها، وأن التوقف عن الكتابة كأنني أضع أصابعي على أنفي وفمي؛ اختناق.
ييدو أنه قد كُتب لي أن أعيش على عواصف الحياة وأرضى بها، تأتي وتمضي.. لكن لا يمكن أن أتأقلم مع كل هذا من دون شهيقِ حروف وزفيرِ كلمات.
الشاطئ.. لقد اشتقت الوقوف على الشاطئ، لم أمارس هذه الهواية منذ زمن طويل، إنَّ هذا خلق بؤساً كثيراً في حياتي، كان من المفترض ألاَّ أهمله.
التعليقات ()