إذا سمعت من يقول لك إن المستقبلَ مستقبلُ الآلة، فهو على حق، لكنه لن يخبرك أنك أنت الآلة المعنية، أنت مشروعهم الحالي الذي يبرمجونه ويصنعون منه تقنية جديدة يفتخرون بها.. المشكلة الوحيدة فقط - وهذا أمر غير مهم - أنك ستتحول إلى آلة من دون مخرجات إيجابية.
جهاز التبصيم في مقر عملك على سبيل المثال، إنه طريق إلى تقننة الإنسان (لو صحَّ لنا أن نسميها) بحيث يصبح مجرد آلة صماء ليس إلا.
أن تأتي في وقتك كأنك ساعة مبرمجة، دون اعتبار بإنسانيتك أو ظروفك، تأتي لا لتنجز، بل لكي يراك المدير في الوقت المحدد للرؤية، كأنك الهلال، لو لم تظهر في الوقت المحدد فلا صوم ولا عيد، على الأقل الهلال لا يُخصم من راتبه.
في حين لا اعتبار لظروفك الخاصة، حتى وإن كنت مجتهداً طيلة الوقت، وتعمل عملاً يدرُّ على المؤسسة بنتاجات إيجابية، لا يهم، أنت مهمل وفاسد ما دمت لم تتحول إلى آلة تأتي في وقتها.. إن بصمة إصبعك أهم من بصمة عملك في وظيفتك.
الحل بسيط، لا تعمل باجتهاد، يكفيك أن تنقر جهاز التبصيم بإصبعك في الوقت المناسب، ونم حتى الظهيرة، ثم انقره من جديد وعد أدراجك إلى منزلك.. أنت بهذا موظف كفء تستحق راتبك كاملاً وتستحق الإشادة.
إنهم يخربون عقولنا بدعوى الانضباط، وكأننا جنودٌ في معسكر.. نحن بالفعل في معسكر، لكنه معسكر للحرب ضد الإنسانية.
لقد وصلنا إلى منطقة سفلية بحيث صرنا نطالب بأنسنة الإنسان.. لا من مستمع ولا من مجيب.
التعليقات ()