لهذه الرواية رواية أخرى، سأحكيها لكم.
كتبتها (صدقوا أو لا تصدقوا) قبل ما يقارب العشر سنوات، كان هذا حينما أردت أن أكتب فكرة مختلفة عن مخلوقات الفضاء، التي اعتدناها في روايات الخيال العلمي والأفلام.
في البدء وُلدت الرواية باسم "جيلاتا"، على اسم كوكب الفضائين كما كان في السابق، وذلك أن المخلوقات كانت هلامية الخِلقة، أرسلتُ المسوَّدة إلى دار نشر مصرية، فكان ردها أن الرواية ممتازة، تقييمها 8 من 10، لكنهم لا يقبلون أدنى من 9.. سياسة غريبة.
ثم أرسلتها إلى دار نشر كويتية، وافقت عليها مباشرة، واتفقنا على كل شيء، حتى أننا قمنا بتوقيع العقد وتصميم الغلاف، لكن حين جاء وقت الطباعة أرسلت الدار تعتذر أن الرقابة في الكويت رفضت نشر العمل دون توضيح الأسباب.. هكذا أذعنا للواقع وقمنا بفض العقد.
نشرتُ أعمالي تباعاً، روايات وقصصاً قصيرة، وبقيت هذه الرواية حبيسة الأدراج سنوات طويلة، إلى أن قررتُ أن أرسلها إلى الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، لكن مع مرور كل تلك السنوات، رأيت (جيلاتا) عنواناً سخيفاً لرواية خيالية علمية، إذ كيف برواية من رواياتي أن تُعنون باسم حلوى مترجرجة؟! هكذا قمت بتغييرات كثيرة على العنوان، حتى استقريت على: لونها مرآة.
اعتدت من جمعية الكتاب والأدباء أن يرسلوا إيميل فيه التفاصيل، برفض العمل أو قبوله، مع ملاحظات حول بعض الأمور التي يرونها تحتاج إلى تعديل، لكنني هذه المرة فوجئت باتصال هاتفي منهم، يخبرونني فيه أن الرواية رائعة جداً، لما فيها من رسالة وفلسفة قوية، وليس ثمة ملاحظات عليها، لكنها قصيرة جداً، وطلبوا مني أن أزيد عدد صفحاتها.
ولأنني مؤمن أن الكاتب يكتب دون النظر إلى عدد الصفحات، يكتب بانسيابية، متى ما وصل إلى نهايتها يتوقف، دون تمطيط ولا اختصار، فقد رأيت أن أنشر الرواية في مكان آخر.
ثم إنني تجاهلت أمرها، واعتكفت في دراسة رواية أخرى كانت بين يدي.. العجيب وأنا أدرس الرواية الجديدة، راودتني أفكار بخصوص الرواية القديمة، جعلتني أتوقف قليلاً، حتى خرجت بفكرة إكمال الرواية الأولى مع هذه الفكرة التي بين يدي الآن.
إنَّ من يقرأ "لونها مرآة" سيجد فيها جزأين، الأول أقدم كتاباتي، والثاني أحدث ما كتبت.
أرسلتُ الرواية إلى دار نشر وقررت أنها قد نضجت الآن، واخترت دار نشر كويتية، سبق أن رفضت الرقابة هناك الرواية، فأردت أن أعرف ردة فعلهم الآن.. لكن الأمر مر بسلام، ولم يتم منعها.. إذن كيف مُنعت قبل سنوات مع الدار الكويتية الأولى؟!
الحقيقة أن هذه الرواية أتعبتني كثيراً، حتى عند نشرها؛ في التدقيق اللغوي، وفي تصميم الغلاف، والعنوان، والكلام الخلفي للغلاف، بل وفي تصنيفها كذلك، وكنت أتوقع صدورها في معرض الشارقة للكتاب لكنها لم تصدر، وحين صدرت في معرض مسقط للكتاب 2024، حصلت ظروف في العمل منعتني من حضور المعرض، وهي المرة الأولى التي لا أحضر فيها معرض مسقط منذ سنوات.
ثم إنني إلى الآن لم أستلم نسخي من الكتاب، وغالباً لن أستلمها، وأغلب الظن أنني سأشتري لنفسي لاحقاً نسختين أو ثلاثاً فقط، ولست أعلم هل أنصحكم بشرائها، أم أحذركم منها.. أشعر أنَّ لعنةً ما تطاردها، شيئاً يشبه لعنة الفراعنة، أو هي أشد، ربما لعنة المخلوقات الفضائية ذاتها.. انتهت الرواية، لكن يظهر أنها _المخلوقات الفضائية _ ما زالت تطارد الرواية، أو ربما تطارد كاتبها.
التعليقات ()