سألني مالاً، فأعطيته أكثر مما سأل، فقال: «أنا أحتاج كذا من المال فقط، وأعرف حالتك المادية».
قلت له: «إذا طلبت فكن طموحاً في طلبك.. أنا أبوك، وصيغة الطلب من أسفل إلى أعلى تختلف عنها من أعلى إلى أسفل.. إذا سألت فاسأل الأكثر، وأنا من يقرر».
هنالك مبدأ يقول: "إذا أردت أن تُطاع فأمر بالمستطاع".. قال: "فأمر"، ولم يقل: "فاطلب"، والأمر لا يكون إلاَّ من أعلى إلى أسفل، وأما من يقولها: "... فسلْ المستطاع"، فقوله خاطئ.
ومن الغريب أن هذا المبدأ تطلب المؤسساتُ من موظفيها أن يطبقوه، وهذا منافٍ للمنطق، الصواب أن الموظف يطلب الشيء الكثير والكبير، حتى وإن فاق قدرة المؤسسة، وعلى المؤسسة أن تقرر مقدار ما ستعطيه وتقدمه لموظفيها، أما المبدأ فيكون صحيحاً حين نعكس الآية؛ أي حين تطلب الحكومة أو المؤسسة من موظفيها عملاً، هنا نقول للمؤسسة إذا أردتِ أن تُطاعي فأمري بالمستطاع؛ لأن الموظف ليس صاحب قرار ولا نفوذ، فاستطاعته محدودة، بعكس المؤسسات والإدارات، استطاعتها أكبر، فالمطلوب من الموظف أن يطلب أكبر من استطاعة المؤسسة، والمؤسسة عليها ألاَّ تتجاوز قدرات موظفيها.
ينطبق هذا الحال على الأب وابنه، إذ حين يطلب الابن من أبيه أمراً، فليطلب أكبر ما يريد، وعلى الأبِ - صاحبِ القرار - أن يحدد مقدار العطاء، أما إذا طلب الأب من ابنه فليطلب ما هو في حدود استطاعة الابن.
ولله المثل الأعلى، إذ لا يكلِّف سبحانُه عبادَه إلاَّ وسعَهم، في حين يفرح الله حين يطلب منه عبده أمراً كبيراً، بل يقال: إذا دعوت فادعُ الله المستحيل.
التعليقات ()