في يوم 25 مايو 1978، عُثر على طرد فيه علبة سجائر بداخلها مجموعة من رؤوس الكبريت وفتائل تفجير مطاطية، في مرآب السيارات بجامعة ايلينوي بشيكاغو، ليصل الى الأستاذ الجامعي بمعهد رينسلار للفنون المتعددة في نيويورك، ولكن تم توجيه الطرد بالبريد الى جامعة نورث ويسترن، وأصيب شرطي بالحرم الجامعي بجروح طفيفة لأنه حاول فتحه، ثم في يوم 9 مايو 1979، اشتعل طرد في جامعة نورث ويسترن، أدى إلى إصابة طالب بجروح طفيفة، وفي يوم 15 نوفمبر 1979، انفجر طرد في منتصف طائرة بوينغ 727 في رحلة محلية بين شيكاجو وواشنطن، أدى إلى إصابة 12 شخصاً، هنا بدأت الشرطة الانتباه إلى سلسلة التفجيرات، وبدأ اسم ”مفجر الجامعات والطائرات“ يلوح في الأفق، وتوالت الطرود وظهور القنابل حتى عام 1995، الذي انتهى بطرد فيه نسخ من مقالة ”المجتمع الصناعي ومستقبله“، الذي انتهى به الأمر منشوراً في جريدتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست.
231 فقرة اعترف فيها تيد كازينسكي عن ارتكابه لتلك المجازر، وعبَّر فيها عن كرهه للنظام الصناعي وآثاره السلبية على البشر والبيئة، مدعما كلامه بما رآه في واقع المجتمعات.
قد تتفاعل مع البيان وتعجبك آراؤه، وقد تتوافق معه، إلا أنك لا يجب أن تنسى أنه إلى جوار صوت القلم استخدم صوت القنابل ليوصل آراءه، فهل سيؤثر هذا على رأيك الخاص فيما قام به تيد كازينسكي؟
***
ـ هل ساعدت التفجيرات في نشر أفكار كازينسكي وتقبلها أم أساءت إليها؟
في رأيي نعم ساعدت في نشرها، فمن خلال القراءة عن حياته ومشاهدة الوثائقي يظهر لنا أنه بدأ بتصنيع المتفجرات من الصفر، ولم يعتمد الصناعات الجاهزة، وكان يعمل في كوخ استأجره في الغابة بعيداً عن المدينة وضوضائها، في البيان هو يحارب المجتمع الصناعي، وبالطرق التي أرسل فيها المتفجرات أو صنعها كانت تخلو من وجود التكنولوجيا، والصناعة فيها نوعاً ما بدائية، وكذلك ردة فعل الناس على بيانه، فرغم أن الكثيرين لا يوافقونه بالتفجيرات، إلاَّ أن صوته وصلهم.
ـ كيف يمكن أن ننشر الأفكار في هذا العصر المعلوماتي؟
القارئ لما يحدث في المجتمعات، سواء العربية أو العالمية، سيفقد الأمل بأن ينشر أفكاره من خلال التكنولوجيا؛ لأن الحريات مقيدة، لهذا لا أعتقد أن التكنولوجيا شيء إيجابي بل تقود إلى تغيير المعتقدات وتخريبها، لا أرى وسيلة جيدة لنشر الأفكار تكون فعلا فعالة في هذا العصر.
ـ ما هي آثار حياته الشخصية على أفكاره؟ هل هناك داعٍ للفصل بينها؟ وهل تُقلل الشخصية من قيمة الأفكار؟
ادَّعوا أنه مجنون، رغم أن بيانه يدل على أنه شخصية عبقرية، دخوله إلى جامعة هارفارد وتعرضه لأسوأ تجربة في حياته كما ذكر، أثرت عليه، لم تقلل قيمة أفكاره، بل دفعتها لترى النور، حتى وإن كانت بطريقة لا يتقبلها الكثيرون.
ـ ما هو رأيك في طرحه؟ هل هو موفق أم اختزالي؟
أعتقد أنه وفق في طرحه؛ لأنه تحدث عن النظام الصناعي التقني المقيِّد للحريات، الجالب للمعاناة من خلال المشكلات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والنفسية، تحدث عن أثره بتعطيل نمو المجتمعات، وأثر تقنيات المراقبة، وأثر المجتمعات الصناعية والتقنية على الأسرة والتربية، العنصرية، تقبل الآخر، وتقييد الحريات، تحدث عن عجلة التطور وصعوبة إيقافها، المشاكل التي تخلفها التكنولوجيا، وتحدث عن الفرق بين الإنسان البدائي والإنسان المعاصر، تطرق إلى الحديث عن اليساريين، وطالب بثورة ضد النظام الصناعي، ليست ثورة سياسية، بل ثورة تهدف إلى تدمير الأسس الاقتصادية والتقنية للمجتمعات.
ـ هل التكنولوجيا قوة مستقلة أم بأيدينا السيطرة عليها؟
لا أعتقد أننا نستطيع التحكم بها؛ لأنها عجلة تدور وتتطور، وإن كان هناك من يتحكم بها، فهو يقودها سياسيًّا، الأمر لا يقتصر على المجتمعات وحدها.
ـ هل مضار التكنولوجيا تفوق منافعها؟ إذا اتفقت معه فكيف من الممكن أن نقلل أضرار التكنولوجيا؟
نعم إنها تفوق منافعها، ونستطيع رؤية ذلك بوضوح، وذلك لإدمان الكثيرين على الانترنت، سواء على الصعيد العملي كوظيفة، أو على الصعيد الشخصي، هناك الكثير من المبادرات التي تحاول تقليل الاعتماد على التكنولوجيا، لكنها تبقى مبادرات فردية، وأحيانا تصبح مجتمعية، لكنني لا أتفاءل بها كثيراً.
ـ هل هناك فارق بين تبني الأفكار وفق الدول؟ بمعنى هل الدول غير الصناعية قادرة على أن تحارب التكنولوجيا؟
لا أظن ذلك، إذا لم تتكاتف المجتمعات معاً لتشكل قوة في وجه الثورة الصناعية، لا أعتقد أن الدول تستطيع ذلك وحدها.
ـ تقييمي للكتاب، ورأيي فيه:
تقييمي: أربعة نجوم من خمسة.
أما وجهة نظري: الكتاب يستحق الاطلاع عليه، حتى لو عارضتم ما فيه؛ لأنه يطرح قضية مهمة تلامس قضايا العديد من المجتمعات، سواء العربية أو العالمية.
***
معلومات عن الكتاب
العنوان: المجتمع الصناعي ومستقبله
بالإنجليزية: Industrial Society & it’s Future: The Unabomber Manifesto
الكاتب: تيد كازينسكي Theodore J. Kaczynski
المترجمة: رقية الكمالي
عدد الصفحات: 157 صفحة
التصنيف: كتاب سياسي
الدار الناشرة: منشورات تكوين/ الطبعة الأولى 2018
التعليقات ()